تشكيليون عراقيون يسوقون اعمالهم عبر الانترنت لغياب قاعات العرض ببغداد

المقاله تحت باب  مقالات فنيه
في 
10/06/2008 06:00 AM
GMT



وجد عدد من الفنانين العراقيين التشكيليين في شبكة الانترنت فرصة للتغلب على أزمة تسويق أعمالهم في معارض خارجية ومهرجانات فنية بعد انحسار قاعات العرض وغيابها في بغداد نتيجة الاوضاع الامنية السائدة.
وكان الدكتور علي زيني، وهو طبيب أسنان وفنان عراقي مقيم في العاصمة الاردنية عمان، هو أول من وضع الفن والفنانين التشكيليين العراقيين على شبكة الانترنيت من خلال موقع الفن العراقي (iraqiart.com)، وذلك عام 1997، ويقول في حديثه لـ«الشرق الاوسط» عبر الهاتف من عمان امس «كان وما يزال هدفي هو التعريف بالفن والفنان التشكيلي العراقي فقط، وبعد عامين من اطلاق الموقع فكرت بإمكانية انتشار الفنان العراقي من خلال تسويق أعماله عن طريق التعريف به».

الدكتور زيني صاحب مؤسسة اينانا لتصميم المواقع على الانترنت، يقول «حتى الآن قمنا بتصميم أكثر من 70 موقع للفن والفنانين التشكيليين العراقيين، اضافة الى تصميم عشرة مواقع لصالات عرض الفن التشكيلي ومنها الاورفلي ودار الاندى»، مشيرا الى ان «غالبية الفنانين العراقيين اليوم لهم مواقع على الانترنت وتختلف جودة هذه المواقع حيث من المهم ان يتم ادامتها وتحديثها».
وعن عملية تسويق الاعمال التشكيلية عن طريق الانترنت، يؤكد الدكتور زيني «نجاح هذه التجربة خاصة مع الفنانين العراقيين حيث يتواصلون مع جامعي اللوحات عن طريق المراسلة وهناك الكثير من جامعي اللوحات مهتمين بالفن التشكيلي العراقي». ويقول الفنان والناقد التشكيلي صلاح عباس إن «تسويق الأعمال هو أحد أبرز الدوافع لأنه يعكس القيمة التقنية والمالية التي يهتم بها الفنانون، بيد ان الأمر تحول الى أزمة خطرة تواجه الفنان العراقي في ظل غياب قاعات العرض والتسويق». ويضيف عباس «من الطبيعي ان يشكل غياب قاعات العرض وانحسارها إحباطا لدى الفنان مما يحتم عليه التفكير جديا في قنوات اخرى لتسويق أعماله». ويرى ان «ظاهرة التسويق عبر الانترنت واحدة من هذه القنوات ويبدو انها حيوية رغم قلة المردود»، موضحا أن «قاعات العرض الخارجية يتقاضى اصحابها نسبة كبيرة قد تصل الى اربعين في المائة من قيمة العمل او اللوحة».
ويقول تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية إنه كان هناك ما يقارب اربعين قاعة في بغداد للاعمال التشكيلية تعرض انتاج فنانين من مختلف الاجيال. وقد اكتسبت هذه القاعات وخصوصا قبل تسعينات القرن الماضي شهرة واسعة نظرا لكثرة الزبائن.
وبين تلك القاعات «دجلة» و«اناء» و«أكد» و«مدارات» و«حوار» و«فضاء وفن» وغيرها، وقد أقفلت أبوابها لأسباب عدة منها الحظر الدولي الذي فرض على العراق منذ عام 1990 والأوضاع الأمنية التي شهدتها البلاد منذ عام 2003.
ولم يتبق من هذه القاعات سوى أربع تستضيف خلال فترات متباعدة نشاطات تعرض أعمالا فنية تشكيلية، لكنها لا تحظى بفرص تسويق.
ويوضح عباس «بالإمكان اعتبار أزمة تسويق الأعمال الفنية أخطر مواجهة يخوضها الفنانون الذين يعتمدون في تسيير أمورهم الحياتية على إنتاجهم بعد ان كانت قاعات العرض قبلة للمهتمين بالفن التشكيلي (...) كانوا يتهافتون على الأعمال العراقية».
من جهته، يرى الفنان التشكيلي حيدر الموسوي أن «الفكرة ناجحة ولا بد منها للتخلص من قضية تسويق اللوحة رغم تعقيدات هذه الظاهرة الحديثة التي تعتمد في الدرجة الأساس على العلاقات الشخصية مع الخارج».
ويضيف الموسوي مدير قاعة «أكد» أنه تمكن خلال العامين الماضيين من «تسويق عدد من أعمالي في البحرين والامارات والدنمارك». ويتابع «رغم ان المردود المالي لم يرتق الى مستوى الطموح لكن العملية مهمة للفنان لكي يستمر، فأصحاب القاعات في الخارج يستقطعون نسبة عالية من قيمة العمل».
وتم افتتاح قاعة «أكد» مطلع 2001 واستضافت معارض عدة قبل 2003 واستمرت حتى عام 2004 عندما بدأت الأوضاع الأمنية تتعقد. لكنها بقيت ناشطة بشكل محدود وأقامت أكثر من معرض، وذلك «ضمن الحفاظ على مناخات التشكيل العراقي وعدم استسلامه للظروف السائدة».
بدوره، يقول الفنان التشكيلي سلام عمر صاحب قاعة «فضاء وفن» إن اقتناء اللوحات «أمر يهتم به الانسان المستقر الذي يريد ان يضيف لمسات جمالية على منزله، لكن الأمر اختلف لدى العراقيين خلال الأعوام الماضية لينصرفوا عن قاعات العرض حتى تنحسر تدريجيا قبل ان تختفي بغالبيتها». ويضيف «لا بد ان يبحث الفنان عن قناة يواصل من خلالها عمله واعتقد ان الاستعانة بالانترنت لارسال الاعمال خارج البلاد باتت عملية ناجحة اقتصاديا، لأن التوقف عن العمل وبيع اللوحات يعني عدم قدرة الفنان على مجاراة الشؤون الحياتية والفنية». ويتابع عمر «استعد الآن لارسال عدة لوحات الى معرض سيقام العام الجاري في العاصمة باريس الا ان المسؤولين يتقاضون نسبة تصل الى نصف قيمة اللوحة». ويؤكد سلام عمر «لكن هذا المعرض يهتم بأعمال فنية مرموقة وهذا ما شجعني على العمل معهم».
 
لندن : معد فياض
جريدة الشرق الاوسط